التخطي إلى المحتوى الرئيسي

الحلم المستحيل


وبعد عقد من الزمن ، تحقق جزء من الحلم الكبير الذي كان يرافقني منذ طفولتي ، وكان هذا الجزء تمهيدا لتحقيق ما هو اكبر ، الا وهو فك القيد .. وحلول الحرية ..
هناك ، في تلك البقعة من الارض ، هناك حيث الاطفال يلعبون بالحجارة ، والرمل ، يلعبون امام تلك الدبابات ، يلعبون وسط النيران ..
هناك في تلك البقعة ، حيث لا يعرف الشباب ولا الشياب معنى للسلام ، هناك حيث لم يذق أي كائن كان طعم الأمان .. كيف وهم في كل لحظة يتوقعون من يآتي ليخرجهم من دارهم ، ارضهم تلك التي خلقت لهم هم لا لغيرهم ..
واخيـرا ، تحقق حلم زيارتي لهم ، بعد عدة محاولات .. دخلت الصحافة لارصد القضايا وتمنيت يوما ان ارسل الى تلك الارض المقدسة .. ظلت امنيتي كحلم يصعب تحقيقه ، وما ان حانت اللحظة لم اصدق الامر ، فكيف ان يتحقق ونحن في ظل هذه الظروف .. ظروف الحصار التي فرضت على سكان تلك المدينة ..واخيـرا ، سأكون احد زوارها ، هذا ماخطر في بالي وقتها ، وحينما حانت الرحلة وفي ذاك الاسطول الذي حمل اسم الحلم الكبيـر " الحريـة " شعرت بشعور لم يسبق لي وان شعرته مسبقا ، شعور لا يخالجه شعور اخر ، او لربما كان خليطا لكل مشاعر الفرح ..
لم ادركـ ان جزءا من هذا الحلم لن يتحقق بتاتا ، وادركت وقتها فقط ان الحلم الكبيـر بات مستحيـلا ..ففي الرحلة واثناء تقربنا الى تلك الارض التي هي مقصدنا محملين بكل ما نستطيع تقديمه لهم ، من طعام ، دواء ، كساء ، لعب للاطفال .. نعم لعب لهم ، فقد اردنا ان نستبدل تلك الحجارة بألعاب كألعاب ابنائنا ..وبالقرب من الارض ، حدث ما لم يتوقع ، الحرية اصبحت مقيدة ..
فقد حوصرنا مثلما حوصرت تلك الارض ، مهمتي الأولـى لم تنجز وهي المهمة الخاصة ، الوصول الى تلك الارض ومعانقة ابنائها ، واشيائها ، المهمة الثانية والتي ارسلت لأجلها ايضا لم تنجز مثل المطلوب ، ولكن انجزت جزءا منها ..كتبت تقريرا عما حدث ، هجوم مسلح لأبرياء ينادون بالحريـة .. قمع لصوت الحرية ، وقيد للأحرار .. وصوتهم يعلو بصمت ، ينادي " لا للحرية " ..بقيت محتجزا هنـاك ، وانا افكـر : هل هذا هو جزاء من ينادي بالحرية ؟!هل هذه هي حرية الصحافة التي ينادي بها العالم؟!!اين العالم عني ؟! بل اين الجميع عنا؟!! .. هل سأعود؟! هل سأرى ابنائي مرة ، ام ان هنا مماتي كما مات حلمي ؟!اسئلة باتت تحوم على رأسي ، تنتظر اجابات من افواه العرب ، افوه العالم ، افواه الديمقراطيين تحديدا ..
لم تمر سوى 3 ايام واخرجت من تلك الارض المغصوبة ، تلك التي اصبحت تسمى بإسرائيل رغما عنها .. خرجت منها إلى الأردن وبعدها للوطن ..ضاع الحلم بيدهم ، ضعت أنا ، عدت للوطن وانا لا زلت احلم..ومتـى يا فلسطين ستطأ قدماي أرضك؟! ومتى سأعانق أبنائك بين أحضاني؟! ...
وضحى البوسعيدي
18/07/2010
> شاركتـ بها في مسابقـة في منتديات " يلا ثقافة " وفزت بها بالمركـز (2) ...

تعليقات

  1. مرحبا وضحى
    قصه جميله وكلمات رنانه وقلمك الذي ينشر حبره في ورقك وافكارك الرائعه التي تجعل القارىء يسافر بين حروف كلماتك سلمت اناملك . الف مبروك الفوز المره القادمه المركز الاول بس اخاف عن تجبي المركز الاخير هههههههه.

    ردحذف
  2. Suliman

    وجودك وتعليقك الاجمل
    تعرف من حسدك يصير ان جربت مرة اطلع الاخير خخخخ

    ردحذف

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

باب لاستقبال التهاني والتبريكات بمناسبة حصولي على " الليسن "

هُنـا باب لاستقبال التهانـي و التبريكات السلام عليكم .. يسعد يومكم يا زوار المدونـة .. قبل ساعة ، نجحت في اختبـار رخصة القيادة بعد معاناة دامت لـ 3 سنوات ، بمعدل 9 محاولات ، 8 منها فاشلة والاخيـرة اليوم والتي انتهت بالنجاح .. سأحكـي لكم قصتي مع هذه الرخـصة العجيـبة ، في الأيام اللاحقـة .. المهم انني حصلت عليها + اهدانـي عمي سيارة ( بيجوت ) ، ولو انها مستعملة ولكن على الاقل معي سيارة اتشاحط بها لووولز .. وهنا استقبل تهانيكم وتبريكاتكم .. وايضا هداياكم اذا في حد بعد يبغا يهديني سيارة مثلا .. 22/08/2010 وضحى البوسعيدي

المعلقة الاخيرة لـ حسين العبري

" المعلقة الاخيرة " لحسين العبري رواية المعلقة الاخيرة ، رواية ليست بطويلة .. برأيي حجمها مناسب ، انهيتها في 3 ايام فقط رغم انه بمقدوري ان انهيها في يوم .. اعجبني اسلوب الراوي وحتى ان القصة بغموضها اعجبتني .. رغم انني لم اعرف بعد الفكرة التي يود ايصالها من خلال " الحبل المعلق والجسر " ، ويراودني سؤال / لماذا انهاها بإنتحار البطل؟!!!! صراحة كنت افكر وانا اقرأ مع البطل ما قصة هذا الحبل المعلق .. وفق الكاتب في وضع نهاية هذه القصة إذ أنها لم تكن متوقعة بتاتا .. اعجبني كثيرا اسلوب الكاتب في وصف البطل ، وتحليل تصرفاته ، اعتقد وظيفته كطبيب نفسي اسعفته في كتابة هذه الرواية .. عجيب انت يا د.حسين العبري.. الرواية لا تشعرني بالملل .. سأعيد قراءتها فيما بعد .. رأيكم فيها؟

"لكن" المخيفة، و"الإيجابية" التي تحمل كل السلبيات

    كان اليوم طويلا .. الساعة تمر ببطء شديد، مرعب جداً كم الشعور الذي عشته بالأمس، ومرعب أكثر ما رأيته خلال ساعات.. فجأة فقدت الشعور بالجوع والعطش، ما كنت اتذكر إلا من تذكير والدي وأخي وزوجته وخالاتي. فقدت الشعور بالتعب والألم، ما شعرت إلا بالخوف وبطء الوقت، وكنت اتمنى أن يكون ما أعيشه كابوس . صعب أن تعيش لحظة يقول فيها الطبيب عن حالة تتوقعها بسيطة إلى أنها حالة بحاجة إلى إسعاف طارئ ونقل للمستشفيات المرجعية، الأكثر رعبا أن يخبروك أنهم في انتظار مستشفى يرد على توفر سرير واستقبال المريض.. وتمر الدقائق ببطء لتكمل ساعة وأنت تفقد الأمل، ويبدأ اليأس يتسلل في داخلك، خاصة وأنت تعرف عن الوضع وتشاهد الأرقام وتسمع عن امتلاء المستشفيات .   تسأل عن خيارات أخرى ويخبروك بخيار مرفق به كلمة "لكن" .. ساعة ونصف أو ربما يزيد إلى أن تلقينا رد بقبول الحالة في المستشفى السلطاني، تستعد بكل ما أوتيت من قوة، تتماسك ، تحاول أن تبدوا بمظهر القوي وفي أول لحظة يخبرك الطبيب: "لا يمكن لمرافق الدخول لسيارة الاسعاف" ، مؤلم الشعور أن تترك من تحب يغادر دون أن ترافقه وتكون بقربه.. مؤلم جدا .   كن