التخطي إلى المحتوى الرئيسي

حكايات طالبة / فـ 1 (2)

(2)
ايام الروضة كانت صعبة في بدايتها الى انها مع مرور الوقت اصبحت اجمل ايام حياتي ، وكنت انتظر الصباح بشغف .. خاصة حينما بدأنا نتعود على بعضنا البعض ، وبعد ان أُخذنا الى اول رحلة مدرسية ..
اول رحلة مدرسية انا ومن في الصف ، على الحافلة مع المعلمة إلى الحديقة .. حيث اللعب وامضاء الوقت في المرجوحة والزحليقة وغيرها من الالعاب ، الاهم من ذلك المرور الى مطعم "برجر كنج" لشراء شطيرة البرجر اللذيذة مع سنتوب مأخوذ من دكان..
ورقة الرحلة وزعت علينا قبلها بيومين ، احتفظت بالورقة جيدا ، ولم انس ان اريها لوالدي لكي يوقع فيها ولوالدتي لكي تراها ، ولم انس ايضا ان ادبس الـ 3 ريالات على الورقة واسلمها صباحا للمعلمة ، فقد ركبت الباص والورقة بيدي ..
لم اكن الوحيدة المتحمسة لهذا اليوم ، ولست الوحيدة ايضا التي تمنت لو تكررت الرحلات ، وبالفعل تكررت ولربما الرحلات التي آتت بعدها كانت اجمل .. ويا للأسف لم تستمر عصر الرحلات هذه..
لم اكن ادرك ان الرحلات في الروضة للجميع ، وما بعد الروضة مقتصر على فئة معينـة .. يقال عنهم " المتفوقون " واحيانا يقال لمنتسبين بجماعة الرحلات ، وان كنت ابنة معلمة فحظك السعيد معك وانت في كل رحلة تود ان تكون فيها ..
لست من المتفوقين في بداية حياتي الدراسية إلى نهايتها ، ولم اكن ابنة معلمة ، وقد شاركت في جماعات الرحلات ولكن لم يحالفني الحظ سوى مرتين في الابتدائية للذهاب الى رحلة .. وكانت الرحلتان لمعرض مسقط الدولي للكتـاب..
والحمدلله على كل حال ، فهنـاك من لم تسنح له الفرصة الى هذه اللحظة من الذهاب لرحلة مدرسية ..
في ذاك المتحف الذي زرته مرتين في حياتي ، مرة في الروضة ، ومرة في التمهيدي، لم يتغير فيه شيء اثناء زيارتي له للمرة الثانيـة .. الامور كلها كما هـي ، والاغراض مثلما هي وفي نفس الزوايا ..
اذكر الدراجتان ، احدهما اثناء تحريك العجلات يرفع المنطاد عاليـا ، والاخر يقوم بتشغيل شريط ..
واذكـر ذاك الجهاز الذي كنا نقوم من خلاله بعمل رسوم متحركة ، و ايضا ذاك المصبـاح الذي كنا نمسك بعضنا البعض واخر شخص هو من يمسك المصباح وحينما يمسكه يضيء ،كنا نندهش من الامر ونعتقد انه سحرا ، بينما هي حقيقة علمية بدأنا نفهمها فيما بعد في مادة العلوم ..
كثيـرة من الاشياء الجميلة التي كانت هنـاك في هذا المتحف ، كم اتمنى لو اعود طفلة في الروضة فقط لاعود الى ذاك المتحف واستمتع بوقتي هناكـ مثلما فعلـت .. ولربما سأفعل المزيد .. من يعلم؟!
في الروضة ، حينما شاركت بجريمة الآن فقط بعدما كبرت واصبحت افهم واعي ادركـت انها كانت جريمة بحق " لطيفـة" .. تلك الفتاة المسكينة التي كانت صاحبـة الشعر الطويل ولم تعد كذلك بعدما قامت " فاطمـة" بالجريمة الفعلية وانا شاركتها بالمشاهدة والجلوس قربها ولكن لم أتجرأ بارتكاب الجريمة فعليـا ..
"فاطمة" كانت صديقتي في الروضة و التمهيدي ، وبدها لم نلتقِ إلا في الإعدادية ، ولكن لم نعد كما كنـا ، كانت في طريقها وانا في طريقـي ..
في ذلك اليوم ، كنا في حصة للأشغال اليدوية وبأيدينا المقص واللصق ، والورق الملون مبعثر على الطاولة وفي الارض وفي كل مكان ، قصاصات من الجرائد والمجلات و الكل منهمك في القص واللصق إلا "فاطمة " منهمكة في التفكير بشعر " لطيفة " .. فنادتني واخبرتني بالذي تود فعله .. تريد ان تقص شعرها ، وقتها لا اذكر ماذا كان موقفي من الموضوع .. ولكن شاركتها اللحظة حينما اخذت مقصها وامسكت ظفر "لطيفة " لتقص شعرها ، فتبدأ تلك بالصياح و تلتم الأعين حولنا نحن " انا ، فاطمة ، ولطيفة " ..
آتت المعلمة لترى ما الذي حدث واذا بها تجد ظفر لطيفة على الارض لم يكن بيدها سوى السؤال : من الذي فعل هذا؟!
انا وبكل براءة : فاطمة.
لطيفة وهي تبكي : فاطمـة و شمسة ..
المعلمة تهدئ لطيفة وتصرخ في وجوهنا فنبدأ بالبكـاء اوتوماتيكيا ، والدموع تنهمر ، صريخ ، وازعاج ومحاولات في تهدئة الوضع .. طبعا الهدوء لا يأتي الا بعد قطع من الحلوى ..
وينتهي الامر بإعطائنا قطع من الحلوى ..
في اليوم التـالي ، جاءت " لطيفة" للفصـل بقصة جديدة ، شعرها اقصـر مما فعلته فاطمة بها ، ولكن كان بشكل مرتب وافـضل ، واجمـل .. صحيح ليس اجمل من ذاك الشعر الاسود الطويل الذي كان يشبه شعر "سندريلا" كما كنا نتخيل نحـن حينما تقص علينا المعلمة تلك القصـة التي كانت احداثها كمل يلـي :
سندريللا فتاة جميلة رقيقة ذو شعر اسود كثيف وطويل ، وهي فتاة جميلة جدا توفت والدتها ولم يكن لها اخوة فتزوج والدها فأصبحت تسكن مع زوجة والدها التي كانت لها ابنتان فأصبحت لسندريلا اختين.
كانت زوجة الاب قاسية تكره سندريلا لانها تغار منها كونها اجمل منها واجمل من بناتها فكانت تعاملها معاملة قاسية وتطلب منها تنظيف البيت الطبخ وكل الاعمال ولا تقوم بمساعدتها .. في يوم من الأيام كان هناك قصر في تلك المنطقة يعيش فيه الأمير اقام الامير حفلا ، كانت تتمنى سندريلا لو تذهب للحفل ولكن زوجة والدها منعتها من ذلك ، ووالدها لم يكن هناك فقد كان مسافرا ، المهم ذهبت زوجة الاب للحفل هي وبناتها وسندريلا كانت تتمنى ذلك بقيت في المنزل وحيدة وحزينة ، فجاءت جنية طيبة – اذكر كنا نستغرب من الامر ، جنية طيبة كيف ذلك ، ففي أذهاننا يرتبط الجن دائما بالشـر ، والخيـر بعيد جدا عنهم وعن دروبهم – ساعدتها الجنية للذهاب للحفل ، فقد كانت تملك عصى سحري ، تحول بها الاغراض الى ماتريد ، فطلبت من سندريلا ان تحضر فستانا ، لم يكن لديها فستان جميل سوى فستان عرس والدتها فحولت الجنية ذاك الفستان الى فستان جديد ، وحولت حذاء سندريلا الى حذاء زجاجي جميـل جدا ، واخبرتها بأن تحضر يقطينة ، فحولت تلك اليقطينة الى عربة ، وكانت هناك عصافير دائما تكون عند نافذة سندريلا فحولتها الى احصنة تجر تلك العربة ، فأخبرتها يمكنك الذهاب ولكن تذكري ان تعودي قبل منتصف الليل .. ذهبت سندريلا وحينما وصلت للحفل الكل مندهش فقد كانت اجمل الفتيات هنـاك ولم يعرفها احد.. جلست هناك واستمتعت بالرقص ونسيت ماقالته الجنية لها ، فوصل منتصف الليل وهي لا زالت هناك ، حينما دقت الساعة تذكرت وركضت بسرعة و لاحقها الاميـر فسقطت واكملت ركضها بحذاء واحد وبقي الحذاء الاخر هنـاك... وتعرفون التكملة .. فلا جديد في تلك القصـة ..
ومن القصص التي كانت تحكى لنا في الروضة والتمهيدي ، قصة الحسناء و الوحش تلك التي رأيناها في احد المرات على الشاشة في غرفة الألعاب ، هناك مع المعلمة .. حيث لم تكن الحسناء ذات الشعر الاسود وانما ذات شعر اشقـر وطويل ، وقد كانت جميلة .. ولكن احبت الوحش .. كنت دائما اقول وان كنت انا الحسناء لولا وافقت بأن اتزوج وحشـا ، كيف لي ذلك؟!! وكنت اجد صعوبة في فهم تلك القـصة .. رغم ان المقصود من تلك القصة ان نفهم ان الجمال هو جمال الروح وطيب النفس وجمال الاخلاق .. بينما نحن في ذاك العمر لم نكن نفهم شيئا ولم نكن نتابع الا للتسلية ، وكنا ندقق في الاشكال والوجوه .. ونأخذ الامور مثلما نراه نحن بسطحية ومن غير تعمق او تعقيد .. كما نفعل الآن ..
وايضا قصة ذات الرداء الاحمر والذئب .. كانت قصـة مخيفة ، لربما هي القصـة الوحيدة التي تعلمت منها في ذاك العمر .. تعلمت ان اسمع الكلام وإلا سيأكلني الذئب واموت ..
مثل صاحبة الرداء الاحمر التي طلبت منها امها ان تأخذ سلة فيها فواكه الى جدتها وعليها الذهاب مباشرة ولكنها في طريقها رأت مجموعة من الاطفال يلعبون فلعبت معهم ونسيت ما اخبرتها امها فجأ الذئب وركض الاطفال ولم تستطع هي الركض كثيرا لانها متعبة فأكلها وماتت ..
الغريب في الامر انني حينما كبرت قليلا رأيت قصة شبيهة بتلك وهي " ليلى والذئب" وكانت مختلفة ، لم يأكلها الذهب حينما كانت تلعب ، اساسا لم تلعب ولم ترا الاطفال في طريقها ..
في الحقيقة هو ليس بغريب ، فالقصص تتشابهه احيانا والناس اساسا يتشابهون فكما يقال : يخلق من الشبه اربعيـن ، وليس بالضرورة ان يكون الشبه في الشكـل قد يكون في التفكيـر و العقلية ، والثوب مثلا .. والاسم كذلك ..
فمثلا هناك اربعون و يزيدون يتسمون بأسمي ، فمنذ ان بدأت الدراسة وكلما كنت بصف اجد هناك من تملك اسما مثل اسمي ، و اتمنى لو انني سميت بإسم اخر ، او لو انني لم يكن لي سميا ، ولكن ماذا عساي ان افعـل ..
فقد ولدت في عائلة عمانـية التفكير والاصل والمنشأ ، اذ ان من عاداتهم ان تسمى البنت الأولى في العائلة بإسم جدتها من ابيها او امها ، وقد شاءت الاقدار بأن تكون جدتي من ابـي اسمها شمسة ، بينما جدتي من امي اسمها مريـم .. فسميت بـ "شمسة " ، لا اعرف بالضبط كيف وقع اختيار شمسة لا مريـم ..
الحمدلله في ان هذا الاسم لا يختلف نطقه سواء بالعربـي اوباللغات الاخرى فهناك بعض الاسماء تختلف باختلاف اللغة ، وذلك لافتقار اللغات الغير العربية لبعض الحروف مثل الضاد ، العين ،الحاء ، الظاء ، القاف
..

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

باب لاستقبال التهاني والتبريكات بمناسبة حصولي على " الليسن "

هُنـا باب لاستقبال التهانـي و التبريكات السلام عليكم .. يسعد يومكم يا زوار المدونـة .. قبل ساعة ، نجحت في اختبـار رخصة القيادة بعد معاناة دامت لـ 3 سنوات ، بمعدل 9 محاولات ، 8 منها فاشلة والاخيـرة اليوم والتي انتهت بالنجاح .. سأحكـي لكم قصتي مع هذه الرخـصة العجيـبة ، في الأيام اللاحقـة .. المهم انني حصلت عليها + اهدانـي عمي سيارة ( بيجوت ) ، ولو انها مستعملة ولكن على الاقل معي سيارة اتشاحط بها لووولز .. وهنا استقبل تهانيكم وتبريكاتكم .. وايضا هداياكم اذا في حد بعد يبغا يهديني سيارة مثلا .. 22/08/2010 وضحى البوسعيدي

التخطيط .. جلدا للذات؟!!!

بالأمس و أنا في الطريق لمشوار ما ، كنت استمع لمذيعة في احدى الإذاعات المحليـة تتحدث عن التخطيط للعام الجديد وتذكر وجهة نظر قائلة فيما معناه : لا داعي للتخطيط ، لأن التخطيط قد يتسبب بجلد الذات ، وجلد الذات يهدم النفس.. حقيقة لو أنني لم أكن خلف مقود السيارة لاتصلت ردا على ما قالته.. لأن وجهة نظري مغايرة جدا عن المذكور أعلاه، فبالنسبة لي التخطيط هو الدافع بأن تسير حياتك بإنجازات و إنتاجية أفضل مع تقليل فرص إضاعة الوقت والجهد والمال أحيانا. التخطيط السليم بوجهة نظري لا يمكن أن يتسبب بجلد الذات، لأن على التخطيط السليم أن يكون تخطيطا يتناسب مع قدراتك و ظروفك ، و أن يكون تخطيط مرن قابل للتعديل حسب ما تمر به من ظروف مؤثرة على إمكانياتك.

"لكن" المخيفة، و"الإيجابية" التي تحمل كل السلبيات

    كان اليوم طويلا .. الساعة تمر ببطء شديد، مرعب جداً كم الشعور الذي عشته بالأمس، ومرعب أكثر ما رأيته خلال ساعات.. فجأة فقدت الشعور بالجوع والعطش، ما كنت اتذكر إلا من تذكير والدي وأخي وزوجته وخالاتي. فقدت الشعور بالتعب والألم، ما شعرت إلا بالخوف وبطء الوقت، وكنت اتمنى أن يكون ما أعيشه كابوس . صعب أن تعيش لحظة يقول فيها الطبيب عن حالة تتوقعها بسيطة إلى أنها حالة بحاجة إلى إسعاف طارئ ونقل للمستشفيات المرجعية، الأكثر رعبا أن يخبروك أنهم في انتظار مستشفى يرد على توفر سرير واستقبال المريض.. وتمر الدقائق ببطء لتكمل ساعة وأنت تفقد الأمل، ويبدأ اليأس يتسلل في داخلك، خاصة وأنت تعرف عن الوضع وتشاهد الأرقام وتسمع عن امتلاء المستشفيات .   تسأل عن خيارات أخرى ويخبروك بخيار مرفق به كلمة "لكن" .. ساعة ونصف أو ربما يزيد إلى أن تلقينا رد بقبول الحالة في المستشفى السلطاني، تستعد بكل ما أوتيت من قوة، تتماسك ، تحاول أن تبدوا بمظهر القوي وفي أول لحظة يخبرك الطبيب: "لا يمكن لمرافق الدخول لسيارة الاسعاف" ، مؤلم الشعور أن تترك من تحب يغادر دون أن ترافقه وتكون بقربه.. مؤلم جدا .   كن