التخطي إلى المحتوى الرئيسي

حكايات طالبة فـ(2) ، 3

(3)
حينما كنت في الصف الثاني الإبتدائي ، طلبة الصف الأول هم نفسهم معي في الصف الثاني ، ومربية الفصل هي نفسها معلمة اللغة العربيـة .. لم تكن ذات هيئة مخيفة إلا انها كانت تثير الرعب في قلوبنا..

صفنا كان في الشعبة الثانية ، ومعلمة اللغة العربية للشعبة الأولى معلمة اخرى اسمها "منى " ، ومعلمتنا نسيت ان اذكر لكم اسمها كانت " زهرة " ..

سألتنا في احد الأيام : من تريد ان تكون في صف أ. منى؟
انا كعادتي كنت منعزلة عن العالم ، قليلا ما أتحدث واتكلم خاصة في وجود هذه المعلمة ، بينما بعض الطالبات من أولئك من كن يتمنون ان يكونوا في ذاك الصف رفعن ايديهن ، فأخبرتهن : تعالين هنا.. بالأمام ..
كررت سؤالها لهن ، واجبن بالإيجاب .. فقالت لهن : افتحن ايديكن..
واخذت بيدها العصا الخشبية وبدأت بضرب كل منهن ضربة في كل يد ..
من يومها عرفت انها " دكتاتورية من الدرجة الخاصة جدا " رغم انني لم اكن اعرف هذه الكلمة بعد ، ولكن هذا ما يمكن استخدامه لوصفها .. شعرت بالتعجب والاستغراب والدهشة الشديدة .. وشكرت ربي انني لم اتكلم رغم انني كنت من ضمن من يتمنوا ان يفارقوا هذه المعلمة إلى الأبد ..

هذا الموقف لم يمتحِ بعد من ذاكرتي وذلك لأثره الشديد على نفسي ، فقد اثار فيني الرعب ولربما كان السبب الذي زاد في داخلي الخوف من التعبير عن الرأي ، والخوف من الثرثرة عما في داخلي ، فجعلني انسانة تكبت كل ما في داخلها خوفا من ردة فعل الآخر ، وكم ازعجني هذا الأمر ، خاصة حينما اجد الآخرين غير مبالين بتاتا من ردة فعلي ، ولربما تصرفوا تصرفا ادركوا انه يزعجني ولكن لم يبلوا أي اهتمام لذلك .. ولم أنا التي تبلي كل هذا الأهتمام ؟ لم كل هذا الخوف ؟ كل هذه الاسئلة واكثر كانت تحوم حول رأسي ، كل يوم قبل النوم حينما ابدأ بإستعادة الشريط اليومي .. كم كنت اتمنى لو تأتيني امي وتشجعني على الكلام او يأتيني أي شخص اخر يدفعني للحديث عما يضايقني دون خوف .. كم وكم تمنيت ..
وأنني لأقسم بالله بأنني لذكرت هذه الحادثة له ..

لم يكن هذا الموقف الوحيد الذي اثر فيني والذي كانت بطلته أ.زهرة ، ففي الصف الثالث الابتدائي شاءت الأقدار بأن تكون أ.هرة معلمتي للغة العربية للمرة الثانية على التوالي في الحياة الدراسية .. والحمدلله انها كانت المرة الأخيرة ايضا..
كنا في حصة الإملاء ، وقد راجعت الكلمات جيدا ، المهم انتهت حصة الإملاء ,, وانتقلنا لحصص اخرى ، وفي اخر حصة كانت لدينا أ.زهرة ، ومعها دفاترنا ..
دخلت الصف بالسلام ، ومن ثم بالإرهاب .. قائلة : صححت دفاتر الإملاء .. صاحبات الدفاتر الموجودة هنـا على اليمين يخرجن بأنفسهن للعقاب ..
كانت قد قسمت الدفاتر لمجموعتين ، مجموعة ذوات الدرجات الأعلى من 5 .. ومجموعة لمن شاءت الاقدار بأن يحصدوا على 5 درجات او اقل ، من عشـرة طبعا ..
تفاجأت انا كون دفتري ضمن المجموعة المعاقبـة ، كم كنت خائفة وانا اخرج هناك واشعر بإحراج شديد ..
خرجت مع مجموعة طالبات كان عددنا اكثر من 10 طالبـات .. واقفات امام الفصـل في انتظار الضرب .. نمسح ايدينا بعضها ببعض تهيئة لتلقي ضربات أ.زهرة ..
لسوء حظي ايضا كنت اخر من يتلقى تلك الضربات ، فقد كنت اشاهد كيف ان العصا يمر على كفوف غيري وانا واقفة هناك ارتجف بخوف ، وفي نفس الوقت اتظاهر بالشجاعة وعدم المبالاة وان هذا شيء عادي .. ولا يدعو للخجـل ..
حينما وصل دوري ، كفاي حمرت من الألم وعيني احمرت استعدادا لهطول دموع شديدة جدا ..
عدت لمقعدي ناكسة رأسي ، وانضممت لركب الطالبات الباكيات ، تعبيرا عن الألم المادي والمعنوي .. كنت ابكي بحرقة ، لا اقوى حتى على رفع رأسي ..
في نفس الوقت كانت تصرخ علينا بعبارات كانت تزيدني غضبا وتزيد رغبتي في البكاء لإزالة غضبي ..
في نهاية الحصة والغضب لا زال قائما بداخلي وزعت الدفاتر واكتشفت انني كنت مظلومة فذاك الدفتر الشبيه بدفتري لم يكن لي وانما لـ نوال .. ومن يومها وانا احمل في قلبي حقدا عليها .. كيف لا ، وبسببها تلقيت اهانات وتألمت وبكيت .. وتمنيت لو انه لم يكن لي وجود في هذه الحياة ..

في هذه السنة ايضا ، حدث امر ارعبني كثيرا مثلما ارعب اهلي ودعاهم إلى وضع سيارة خاصة تعيدني من المدرسة توقني اما الباب .. ففي احد مساءات احد الأيام الدراسة ونحن عائدين المدرسة والشمس في كبد السماء تلقي علينا بحرارتها التي تكاد تحرق رؤوسنا الممتلئة بكل تلك الكلمات والجمل والارقام وكل تلك المعلومات التي جمعت وادخلت الى رؤسنا بإرادتنا او بغير ارادتنا ، فإذا بسيارة سوداء سريعة قادمة من حيث لا نعلم ، فيرتطم بجسد صغير ليغطي اللون الاحمر مكان المريول الاصفر والحجاب الابيض فنبقى نحن من هو الحدث متسمرين في اماكننا ويبدأ الناس بالتجمع وسائق الباص بعدما رحل ولا اثر للباص سوى نحن وحقائبنا ، واقفين بدهشة لنعرف مصير تلك الفتاة " عبيـر" .. هل لا زالت حية ترزق ام انها انتقلت إلى رحمة الله؟!!
جاء الاسعاف وانا عدت للمنزل بعدما خرجت خدامتنا الهندية الجديدة لتنضم الى ركب المشاهدين للحدث ، فنادتني وعدت للمنزل وانا لا زلت ارتجف خوفا ..
كنت في تلك الفترة كلما غمضت عيني لانام ارى مشهد الفتاة وهي مستلقاة على الارض والدم يغطيها في اجزاء مختلفة من جسمها الصغير .. ممتدة في ذاك الشارع والشمس ساطعة ، والناس حولها مجتمعين ..
لم ارى تلك الفتاة بعد ذاك الحادث المرعب .. ولا اعتقد انني سمعت خبرا عن وفاتها ، ولكن بفضلها قرر اهلي ان يضعوا لي سيارة خاصة تعيدني لأمام باب المنزل خوفا من ان يحدث لي ما حدث .. وقررت ايضا امي وبعض من حريم الحارة القدوم للمدرسة ومطالبة المديرة بالاهتمام اكثر بموضوع الباصات والمواقف وان يتم ايصال الطالبات الى منازلهن، ولكن قدومهن وحضورهن للاجتماعات التي اقيمت والنقاش في الموضوع لم يجدي نفعا .. فكما تقول المديرة مثلما اخبرتني امي ان القرارات هذه بيد الوزارة لا بيدها هي ..

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

باب لاستقبال التهاني والتبريكات بمناسبة حصولي على " الليسن "

هُنـا باب لاستقبال التهانـي و التبريكات السلام عليكم .. يسعد يومكم يا زوار المدونـة .. قبل ساعة ، نجحت في اختبـار رخصة القيادة بعد معاناة دامت لـ 3 سنوات ، بمعدل 9 محاولات ، 8 منها فاشلة والاخيـرة اليوم والتي انتهت بالنجاح .. سأحكـي لكم قصتي مع هذه الرخـصة العجيـبة ، في الأيام اللاحقـة .. المهم انني حصلت عليها + اهدانـي عمي سيارة ( بيجوت ) ، ولو انها مستعملة ولكن على الاقل معي سيارة اتشاحط بها لووولز .. وهنا استقبل تهانيكم وتبريكاتكم .. وايضا هداياكم اذا في حد بعد يبغا يهديني سيارة مثلا .. 22/08/2010 وضحى البوسعيدي

مجبور .. لا بطل

خرج من بيته مرتديا السواد ، ذاك اللون الذي يراه مواكبا للموضة ، فهو لون الروك و ستايلات الايمو .. هو يراه شيئا يفرحه ، في حين غيره من ابناء امته يرتدون السواد للحزن .. يبكون ويتباكون وهو مهما حاول فلا دموع تذرف من عينيه .. يبدأ بنواح مزيف حتى لا يجدوه مختلفا عنهم .. يحاول ان يشعر بالحزن ولكن لا شيء يحزنه ، يفكر ويستغرب : لم يحزنون؟! يبكون لوفاته ، فكم من الناس توفوا .. توفى جده من قبله وهو اعلى شأنا منه وفي ذكرى وفاته لا يرتدون سوادا ولا يبكون او يتباكون ، فمن هو حتى يتباكو شهرا لذكرى وفاته؟! ويحزنون شهرين لذلك؟! لا زال يفكر ولا زال يفعل مايفعلون .. فليس بيده الا ان يتبعهم و الا كان من الكافرين ، فيذكر اسمه متبوعا بـ لعنة الله عليهم اجمعين .. فيجد نفسه مجبورا لفعل مايفعلون ، ويوقف عقله عن التفكير ، وما عليه سوى ان يكون من التابعين.. وضحى البوسعيدي 20/12/2010

يا مفسـر الأحلامـ فسرلي حلمي

يــا مفســر الأحـلام .. فسرلي احلامـي طابـ يومكمـ ايها المارون هنـا ، عسا احدكمـ ان يكون مفسـرا للأحلام وان لم يكنـ فاليحاول تفسيرهـا .. اصبحت مؤخــرا كلما غفوت قليلا ارى فمنامي افلامـ قصيرة ، تميل في الغالب ان تكونـ من فئة الكوابيـس .. الحلمـ الأول / رأيت في المنام مايقاربـ 4 إلى 5 سحـالي تتبعني وانا ( في الطبيعة اخافها ) وحتى في المنامـ فأهرب منهـا ، ولم يكمل الحلم فانتزقت. الحلمـ الثاني / رأيت في منامي أنني في المستشفى ومعي اهلي وانا في غرفة مظلمة ، تقول لي الدكتورة أنني لا يمكنـ ان أكون أماً ولكـي افهم الموضوع اكثـر علي ان اتوجه إلى غرفة وصفتها لـي ، فخرجتـ خلسة ، واجد زوجة خالي هناكـ تبكي والاهل كلهم يشفقون علـي ، فذهبت مع خالتي إلى تلكـ الغرفة دون علم احد ، الغرفة تلك مظلمة وبيها كرسي متحركـ وشاشـة ، وكن هناك ممرضتان ، طلبت مني احداهن ان اجلس على الكرسي طولي لم يسمح فطلبتها ان تخفض مستواه فعلتـ ولم اصل فخفضت اكثـر ولم اصل فخفضت مرة اخرى واستطعتـ واصبحت على الكرسـي ( الكرسي اسود يشبه كرسي طبيب الأسنـان ) بعدما كنت عليه فتحت الشاشة ، وبدأت تخبرني بوجود خالتي ، لا يمكن ان اكون ...