التخطي إلى المحتوى الرئيسي

سيرتي الذاتية

قد اقلب صفحات مذكرتي اليومية كثيرا ، لاكتشف من اكون؟ .. 20 عاما لم تكن كافية بعد لاعرف بالضبط من انا .. على الاقل من انا في المستقبل القريب ، مابعد العشرين ..
منذ ان خرجت للحياة وانا اصرخ خوفا من المستقبل ، ولا زال الصراخ في بداخلي ولكن بصمت .. فكلما مضى يوم افكر في الذي يليه وما يخفيه من مفاجآت صادمة قد تؤدي الى جلطة دماغية او قلبية فتنهي حياتي في لحظات..

منذ ان ولدت ، وحتى كبرت و في العشرين اصبحت لا زلت ابحث عن تفاصيل حياتي كلها لاعرف كيف سأكون في الغد ومابعد الغد ومايليه..
لا زلت اذكر جيدا حينما كنت في الخامسة او السادسة من عمري ، كثيرة البكاء .. من سبب وبغير سبب ، لربما الملل والضيق كانا يتسللان بداخلي خلسة ، وكنت اتخذ من البكاء حلا لابعادهما عني .. او لربما حلا لتعويد نفسي عليهما ..
كبرت .. ولم يكبر فكري ، فلا زلت تلك الطفلة نفسها التي تلجأ للبكاء دائما .. ولكن الآن ابك خلسة لا علانية ، خوفا من الفضيحة والعيب كما كنت اعتقد حينما كنت في العاشرة .. والان البكاء خلسة في العشرين خوفا من الشفقة ..

انني اتجهز نفسيا لمرحلة ما بعد تخرجي ، وفي يدي ورقة لأكتب نفسي عليها .. يقال انها تسمى السيرة الذاتية ، فهل ذاتي ستكفيها ورقة لأكتبها ؟!
وهل ذاتي يمكن ان تشكل في كلمات وحروف؟.. لا بأس رغم كل هذا سأحاول .. وكلما بدأت المحاولة اجدني اتجاوز الورقة ، فما بين الاسطر كثير .. ومابين الاسطر ليس كل التفاصيل ، وانما بعض الوقفات التي ابت ذاكرتي ان تمحيها ..

ذاكرتي هذه التي يصعب عليها نسيان الآلام بينما هي سهلة في نسيان ما يفرح قلبي .. لا اعرف لم اجدها حاقدة على قلبي المسكين .. واجزم لها الآن انني خضعت لما تريد .. وتعودت على الاحزان ..

بدايتها التي كانت مع فاجعة فقدان عزيز .. ربما لم اكن بعد استوعب مايعني ذلك ولكن تعلمت مع الأيام ماذا يعني الموت .. وماذا يعني الفناء واللاعودة من جديد ..
كنت حينها في الصف الخامس الابتدائي ، حينما اتى الخبر واخي معي في المطبخ ، حينما انزلق الصحن من يديه وتحول الى شظايا .. وارى الدموع في عينيه وانا واقفة بذهول .. سمعت الخبر مثلهم ولم يذهلني الخبر كما اذهلني الموقف الذي امامي ..

ذهبوا وذهبت معهم وفي ذاك البيت الذي قد تعودت ان اكون فيه وانا اجول في داخله هنا وهناك ، تحول وكأنه بيت اشباح من اصوات البكاء والثياب السوداء .. اجتاحتني رغبة في البكاء لا لما يحدث وانما تسلل الضيق والملل مجددا الى داخلي .. فكنت ابكي .. وابكي .. وابكي ..

وقفة اخرى .. بعد عدة اعوام ، مجموعة من الفواجع اتت متتالية ..وكنت اتسائل ماذا فعلت لتصبح الحياة ضدي؟!
في حين ان الافراح حينما تتوالي لا اسأل ولا افكر ..
بدأت الفواجع حينما اكلت النيران وجهي .. دون سبب هاجمتني.. ومن الدهشة والاستغراب لم ادافع عن ذاتي .. هذه الذات التي اكتب عنها الآن..
لم ابك من الم النار فلم اشعر فيه في لحظتها ولكن بكيت حينما وقفت امام المرآة .. واحترق قلبي ايضا ..

في نفس الاسبوع .. رحل عزيز بلا عودة ، رغم انها لم تكن رحلته الاولى ، فقد كان دائم السفر .. ولكن الفرق بين سفراته السابقة وهذا الرحيل ان الاخير بلا عودة ..
ولأول مرة اشعر بشعور فقدان العزيز .. بكيت علنا لا اراديا .. فبكيت خفية مستقبلا ..

كثيرة هي التفاصيل المفجعة في حياتي ، والتي انتهت مؤخرا منذ عام بوفاة عزيز اخر .. كلما فقدت عزيز اتسائل متى سيحين دوري لافقد الحياة ويفقدني الناس؟
متى ستحين اللحظة ، وكيف هو الشعور ؟!!.. وفي الوقت ذاته اتناسى الامر واتسائل ماذا سأفعل غدا؟ ماالذي سأواجهه ايضا ..

حياتي ليست كلها فواجع .. ولكن دائما الفواجع هي التي تحفر لنفسها مكانا في الذاكرة .. ولكن الفرح ايضا كان حاضرا ..
حينما بلغت العشرين ، كان الشعور مختلفا الفرح لا يمزجه شيء اخر .. بعكس حينما بلغت 19 فقد كان الفرح حاضرا والمرض معه .. فغلب المرض على الفرح لينتزعه مني بغصب ..
ولا زال الفرح في داخلي ، فقد حصلت مؤخرا على الكاميرا التي كنت اريدها ، فأنا من هواة توثيق اللحظات بالصورة اكثر مما هو بالكلمات ..

تخيلوا ان ماسبق سيرة مختصرة ولم تكفيها صفحة فكيف بكل تفاصيل سيرتي الحقيقية و الواقعية .. سأحتاج لمجلدات بالتأكيد..


وضحى البوسعيدي
23/2/2011
ملاحظة/ قد اعيد كتابتها مجددا لاضيف فيها لحظات اخر .. فلا اعتقد ان ثورة شباب عمان لن تكون حاضرة في سيرتي

تعليقات

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

باب لاستقبال التهاني والتبريكات بمناسبة حصولي على " الليسن "

هُنـا باب لاستقبال التهانـي و التبريكات السلام عليكم .. يسعد يومكم يا زوار المدونـة .. قبل ساعة ، نجحت في اختبـار رخصة القيادة بعد معاناة دامت لـ 3 سنوات ، بمعدل 9 محاولات ، 8 منها فاشلة والاخيـرة اليوم والتي انتهت بالنجاح .. سأحكـي لكم قصتي مع هذه الرخـصة العجيـبة ، في الأيام اللاحقـة .. المهم انني حصلت عليها + اهدانـي عمي سيارة ( بيجوت ) ، ولو انها مستعملة ولكن على الاقل معي سيارة اتشاحط بها لووولز .. وهنا استقبل تهانيكم وتبريكاتكم .. وايضا هداياكم اذا في حد بعد يبغا يهديني سيارة مثلا .. 22/08/2010 وضحى البوسعيدي

التخطيط .. جلدا للذات؟!!!

بالأمس و أنا في الطريق لمشوار ما ، كنت استمع لمذيعة في احدى الإذاعات المحليـة تتحدث عن التخطيط للعام الجديد وتذكر وجهة نظر قائلة فيما معناه : لا داعي للتخطيط ، لأن التخطيط قد يتسبب بجلد الذات ، وجلد الذات يهدم النفس.. حقيقة لو أنني لم أكن خلف مقود السيارة لاتصلت ردا على ما قالته.. لأن وجهة نظري مغايرة جدا عن المذكور أعلاه، فبالنسبة لي التخطيط هو الدافع بأن تسير حياتك بإنجازات و إنتاجية أفضل مع تقليل فرص إضاعة الوقت والجهد والمال أحيانا. التخطيط السليم بوجهة نظري لا يمكن أن يتسبب بجلد الذات، لأن على التخطيط السليم أن يكون تخطيطا يتناسب مع قدراتك و ظروفك ، و أن يكون تخطيط مرن قابل للتعديل حسب ما تمر به من ظروف مؤثرة على إمكانياتك.

"لكن" المخيفة، و"الإيجابية" التي تحمل كل السلبيات

    كان اليوم طويلا .. الساعة تمر ببطء شديد، مرعب جداً كم الشعور الذي عشته بالأمس، ومرعب أكثر ما رأيته خلال ساعات.. فجأة فقدت الشعور بالجوع والعطش، ما كنت اتذكر إلا من تذكير والدي وأخي وزوجته وخالاتي. فقدت الشعور بالتعب والألم، ما شعرت إلا بالخوف وبطء الوقت، وكنت اتمنى أن يكون ما أعيشه كابوس . صعب أن تعيش لحظة يقول فيها الطبيب عن حالة تتوقعها بسيطة إلى أنها حالة بحاجة إلى إسعاف طارئ ونقل للمستشفيات المرجعية، الأكثر رعبا أن يخبروك أنهم في انتظار مستشفى يرد على توفر سرير واستقبال المريض.. وتمر الدقائق ببطء لتكمل ساعة وأنت تفقد الأمل، ويبدأ اليأس يتسلل في داخلك، خاصة وأنت تعرف عن الوضع وتشاهد الأرقام وتسمع عن امتلاء المستشفيات .   تسأل عن خيارات أخرى ويخبروك بخيار مرفق به كلمة "لكن" .. ساعة ونصف أو ربما يزيد إلى أن تلقينا رد بقبول الحالة في المستشفى السلطاني، تستعد بكل ما أوتيت من قوة، تتماسك ، تحاول أن تبدوا بمظهر القوي وفي أول لحظة يخبرك الطبيب: "لا يمكن لمرافق الدخول لسيارة الاسعاف" ، مؤلم الشعور أن تترك من تحب يغادر دون أن ترافقه وتكون بقربه.. مؤلم جدا .   كن